سورة النساء - تفسير تفسير الرازي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)}
اعلم أن هذا هو النوع الرابع من الأحكام المذكورة في هذه السورة وهو ما يتعلق بالمواريث والفرائض وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: في سبب نزول هذه الآية قال ابن عباس: ان أوس بن ثابت الانصاري توفي عن ثلاث بنات وامرأة، فجاء رجلان من بني عمه وهما وصيان له يقال لهما: سويد، وعرفجة وأخذا ماله. فجاءت امرأة أوس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرت القصة، وذكرت أن الوصيين ما دفعا إلي شيئا، وما دفعا إلى بناته شيئا من المال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارجعي إلى بيتك حتى أنظر ما يحدث الله في أمرك فنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية، ودلت على أن للرجال نصيبا وللنساء نصيبا، ولكنه تعالى لم يبين المقدار في هذه الآية، فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الوصيين وقال: لا تقربا من مال أوس شيئا ثم نزل بعد: {يُوصِيكُمُ الله فِي أولادكم} [النساء: 11] ونزل فرض الزوج وفرض المرأة، فأمر الرسول عليه الصلاة والسلام الوصيين أن يدفعا إلى المرأة الثمن ويمسكا نصيب البنات، وبعد ذلك أرسل عليه الصلاة والسلام اليهما أن ادفعا نصيب بناتها اليها فدفعاه اليها، فهذا هو الكلام في سبب النزول.
المسألة الثانية: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والأطفال، ويقولون لا يرث إلا من طاعن بالرماح وذاد عن الحوزة وحاز الغنيمة، فبين تعالى أن الارث غير مختص بالرجال، بل هو أمر مشترك فيه بين الرجال والنساء، فذكر في هذه الآية هذا القدر، ثم ذكر التفصيل بعد ذلك ولا يمتنع إذا كان للقوم عادة في توريث الكبار دون الصغار ودون النساء، أن ينقلهم سبحانه وتعالى عن تلك العادة قليلا قليلاً على التدريج، لأن الانتقال عن العادة شاق ثقيل على الطبع، فاذا كان دفعة عظم وقعه على القلب، وإذا كان على التدريج سهل، فلهذا المعنى ذكر الله تعالى هذا المجمل أولا، ثم أردفه بالتفصيل.
المسألة الثالثة: احتج أبو بكر الرازي بهذه الآية على توريث ذوي الارحام قال: لأن العمات والخالات والاخوال وأولاد البنات من الأقربين، فوجب دخولهم تحت قوله: {لّلرّجَالِ نَصيِبٌ مّمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون} أقصى ما في الباب أن قدر ذلك النصيب غير مذكور في هذه الآية، إلا أنا نثبت كونهم مستحقين لأصل النصيب بهذه الآية، وأما المقدار فنستفيده من سائر الدلائل.
وأجاب أصحابنا عنه من وجهين:
أحدهما: انه تعالى قال في آخر الآية {نَصِيباً مَّفْرُوضاً} أي نصيبا مقدرا، وبالاجماع ليس لذوي الأرحام نصيب مقدر، فثبت أنهم ليسوا داخلين في هذه الآية، وثانيهما: أن هذه الآية مختصة بالأقربين، فلم قلتم إن ذوي الأرحام من الأقربين؟ وتحقيقه أنه إما أن يكون المراد من الأقربين من كان أقرب من شيء آخر، أو المراد منه من كان أقرب من جميع الأشياء، والأول باطل؛ لأنه يقتضي دخول أكثر الخلق فيه، لأن كل إنسان له نسب مع غيره إما بوجه قريب أو بوجه بعيد، وهو الانتساب إلى آدم عليه السلام، ولا بد وأن يكون هو أقرب إليه من ولده، فيلزم دخول كل الخلق في هذا النص وهو باطل، ولما بطل هذا الاحتمال وجب حمل النص على الاحتمال الثاني وهو أن يكون المراد من الأقربين من كان أقرب الناس إليه، وما ذاك إلا الوالدان والأولاد، فثبت أن هذا النص لا يدخل فيه ذو الأرحام، لا يقال: لو حملنا الأقربين على الوالدين لزم التكرار، لأنا نقول: الأقرب جنس يندرج تحته نوعان: الوالد والولد، فثبت أنه تعالى ذكر الوالد، ثم ذكر الأقربين، فيكون المعنى أنه ذكر النوع، ثم ذكر الجنس فلم يلزم التكرار.
المسألة الرابعة: قوله: {نَصِيباً} في نصبه وجوه:
أحدها: أنه نصب على الاختصاص بمعنى أعني نصيبا مفروضا مقطوعا واجبا، والثاني: يجوز أن ينتصب انتصاب المصدر، لأن النصيب اسم في معنى المصدر كأنه قيل: قسما واجبا، كقوله: {فَرِيضَةً مّنَ الله} [التوبة: 60، النساء: 11] أي قسمة مفروضة.
المسألة الخامسة: أصل الفرض الحز، ولذلك سمي الحز الذي في سية القوس فرضاً، والحز الذي في القداح يسمى أيضا فرضاً، وهو علامة لها تميز بينها وبين غيرها، والفرضة العلامة في مقسم الماء، يعرف بها كل ذي حق حقه من الشرب، فهذا هو أصل الفرض في اللغة، ثم ان أصحاب أبي حنيفة خصصوا لفظ الفرض بما عرف وجوبه بدليل قاطع، واسم الوجوب بما عرف وجوبه بدليل مظنون، قالوا: لأن الفرض عبارة عن الحز والقطع، وأما الوجوب فانه عبارة عن السقوط، يقال: وجبت الشمس إذا سقطت، ووجب الحائط إذا سقط، وسمعت وجبة يعني سقطة قال الله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: 36] يعني سقطت، فثبت أن الفرض عبارة عن الحز والقطع، وأن الوجوب عبارة عن السقوط، ولا شك أن تأثير الحز والقطع أقوى وأكمل من تأثير السقوط. فلهذا السبب خصص أصحاب أبي حنيفة لفظة الفرض بما عرف وجوبه بدليل قاطع، ولفظ الوجوب بما عرف وجوبه بدليل مظنون.
إذا عرفت هذا فنقول: هذا الذي قرروه يقضي عليهم بأن الآية ما تناولت ذوي الأرحام لأن توريث ذوي الأرحام ليس من باب ما عرف بدليل قاطع باجماع الأمة، فلم يكن توريثهم فرضاً، والآية إنما تناولت التوريث المفروض، فلزم القطع بأن هذه الآية ما تناولت ذوي الأرحام، والله أعلم.


{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8)}
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن قوله: {وَإِذَا حَضَرَ القسمة} ليس فيه بيان أي قسمة هي، فلهذا المعنى حصل للمفسرين فيه أقوال: الأول: أنه تعالى لما ذكر في الآية الأولى أن النساء أسوة الرجال في أن لهن حظاً من الميراث، وعلم تعالى أن في الأقارب من يرث ومن لا يرث، وأن الذين لا يرثون إذا حضروا وقت القسمة، فان تركوا محرومين بالكلية ثقل ذلك عليهم، فلا جرم أمر الله تعالى أن يدفع اليهم شيء عند القسمة حتى يحصل الأدب الجميل وحسن العشرة، ثم القائلون بهذا القول اختلفوا، فمنهم من قال: إن ذلك واجب، ومنهم من قال: إنه مندوب، أما القائلون بالوجوب، فقد اختلفوا في أمور:
أحدها: أن منهم من قال: الوارث إن كان كبيراً وجب عليه أن يرضخ لمن حضر القسمة شيئا من المال بقدر ما تطيب نفسه به، وإن كان صغيراً وجب على الولي إعطاؤهم من ذلك المال، ومنهم من قال: إن كان الوارث كبيراً، وجب عليه الاعطاء من ذلك المال، وإن كان صغيراً وجب على الولي أن يعتذر إليهم، ويقول: إني لا أملك هذا المال إنما هو لهؤلاء الضعفاء الذين لا يعقلون ما عليهم من الحق، وان يكبروا فسيعرفون حقكم، فهذا هو القول المعروف.
وثانيها: قال الحسن والنخعي: هذا الرضخ مختص بقسمة الأعيان، فاذا آل الأمر إلى قسمة الأرضين والرقيق وما أشبه ذلك، قال لهم قولا معروفا، مثل أن يقول لهم: ارجعوا بارك الله فيكم.
وثالثها: قالوا: مقدار ما يجب فيه الرضخ شيء قليل، ولا تقدير فيه بالاجماع.
ورابعها: أن على تقدير وجوب هذا الحكم تكون هذه الآية منسوخة.
قال ابن عباس في رواية عطاء: وهذه الآية منسوخة بآية المواريث، وهذا قول سعيد بن المسيب والضحاك وقال في رواية عكرمة: الآية محكمة غير منسوخة وهو مذهب أبي موسى الأشعري وإبراهيم النخعي والشعبي والزهري ومجاهد والحسن وسعيد بن جبير، فهؤلاء كانوا يعطون من حضر شيئا من التركة.
روي أن عبدالله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قسم ميراث أبيه وعائشة حية، فلم يترك في الدار أحدا إلا أعطاه، وتلا هذه الآية، فهذا كله تفصيل قول من قال بأن هذا الحكم ثبت على سبيل الوجوب، ومنهم من قال: انه ثبت على سبيل الندب والاستحباب، لا على سبيل الفرض والايجاب، وهذا الندب أيضا إنما يحصل اذا كانت الورثة كباراً، أما اذا كانوا صغارا فليس إلا القول المعروف، وهذا المذهب هو الذي عليه فقهاء الأمصار.
واحتجوا بأنه لو كان لهؤلاء حق معين لبين الله تعالى قدر ذلك الحق كما في سائر الحقوق، وحيث لم يبين علمنا أنه غير واجب، ولأن ذلك لو كان واجبا لتوفرت الدواعي على نقله لشدة حرص الفقراء والمساكين على تقديره، ولو كان ذلك لنقل على سبيل التواتر، ولما لم يكن الأمر كذلك علمنا أنه غير واجب.
القول الثاني: في تفسير الآية: أن المراد بالقسمة الوصية، فاذا حضرها من لا يرث من الأقرباء واليتامى والمساكين أمر الله تعالى أن يجعل لهم نصيبا من تلك الوصية، ويقول لهم مع ذلك: قولا معروفا في الوقت، فيكون ذلك سببا لوصول السرور اليهم في الحال والاستقبال، والقول الأول أولى، لأنه تقدم ذكر الميراث ولم يتقدم ذكر الوصية، ويمكن أن يقال: هذا القول أولى لأن الآية التي تقدمت في الوصية.
القول الثالث: في تفسير الآية أن قوله: {وَإِذَا حَضَرَ القسمة أُوْلُواْ القربى} فالمراد من أُوْلِى القربى الذين يرثون والمراد من اليتامى والمساكين الذين لا يرثون.
ثم قال: {فارزقوهم مّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} فقوله: {فارزقوهم} راجع الى القربى الذين يرثون وقوله: {وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} راجع الى اليتامى والمساكين الذين لا يرثون، وهذا القول محكي عن سعيد بن جبير.
المسألة الثانية: قال صاحب الكشاف: الضمير في قوله: {فارزقوهم مّنْهُ} عائد إلى ما ترك الوالدان والأقربون، وقال الواحدي: الضمير عائد الى الميراث فتكون الكناية على هذا الوجه عائدة إلى معنى القسمة، لا الى لفظها كقوله: {ثُمَّ استخرجها مِن وِعَاء أَخِيهِ} [يوسف: 76] والصواع مذكر لا يكنى عنه بالتأنيث، لكن أريد به المشربة فعادت الكناية الى المعنى لا الى اللفظ، وعلى هذا التقدير فالمراد بالقسمة المقسوم، لأنه إنما يكون الرزق من المقسوم لا من نفس القسمة.
المسألة الثالثة: إنما قدم اليتامى على المساكين لأن ضعف اليتامى أكثر، وحاجتهم أشد، فكان وضع الصدقات فيهم أفضل وأعظم في الأجر.
المسألة الرابعة: الأشبه هو أن المراد بالقول المعروف أن لا يتبع العطية المن والأذى بالقول أو يكون المراد الوعد بالزيادة والاعتذار لمن لم يعطه شيئا.


{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9)}
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: الجملة الشرطية وهو قوله: {لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرّيَّةً ضعافا خَافُواْ عَلَيْهِمْ} هي صلة لقوله: {الذين} والمعنى: وليخش الذين من صفتهم أنهم لو تركوا ذرية ضعافاً خافوا عليهم وأما الذي يخشى عليه فغير منصوص عليه، وسنذكر وجوه المفسرين فيه.
المسألة الثانية: لا شك أن قوله: {وَلْيَخْشَ الذين لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرّيَّةً ضعافا خَافُواْ عَلَيْهِمْ} يوجب الاحتياط للذرية الضعاف، وللمفسرين فيه وجوه:
الأول: أن هذا خطاب مع الذين يجلسون عند المريض فيقولون: ان ذريتك لا يغنون عنك من الله شيئا، فأوص بمالك لفلان وفلان، ولا يزالون يأمرونه بالوصية الى الأجانب الى أن لا يبقى من ماله للورثة شيء أصلا، فقيل لهم: كما أنكم تكرهون بقاء أولادكم في الضعف والجوع من غير مال، فاخشوا الله ولا تحملوا المريض على أن يحرم أولاده الضعفاء من ماله. وحاصل الكلام أنك لا ترضى مثل هذا الفعل لنفسك، فلا ترضه لأخيك المسلم. عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤمن العبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
والقول الثاني: قال حبيب بن أبي ثابت: سألت مقسما عن هذه الآية فقال: هو الرجل الذي يحضره الموت ويريد الوصية للأجانب، فيقول له من كان عنده: اتق الله وأمسك على ولدك مالك، مع أن ذلك الإنسان يحب أن يوصي له، ففي القول الأول الآية محمولة على نهي الحاضرين عن الترغيب في الوصية، وفي القول الثاني محمولة على نهي الحاضرين عن النهي عن الوصية، والأولى أولى، لأن قوله: {لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرّيَّةً ضعافا} أشبه بالوجه الأول وأقرب اليه.
والقول الثالث: يحتمل أن تكون الآية خطابا لمن قرب أجله، ويكون المقصود نهيه عن تكثير الوصية لئلا تبقى ورثته ضائعين جائعين بعد موته، ثم إن كانت هذه الآية إنما نزلت قبل تقدير الوصية بالثلث، كان المراد منها أن لا يجعل التركة مستغرقة بالوصية، وإن كانت نزلت بعد تقدير الوصية بالثلث، كان المراد منها أن لا يجعل التركة مستغرقة بالوصية، وإن كانت نزلت بعد تقدير الوصية بالثلث. كان المراد منها أن يوصي أيضا بالثلث، بل ينقص إذا خاف على ذريته والمروي عن كثير من الصحابة أنهم وصوا بالقليل لأجل ذلك، وكانوا يقولون: الخمس أفضل من الربع، والربع أفضل من الثلث، وخبر سعد يدل عليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «الثلث والثلث كثير لأن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس».
والقول الرابع: أن هذا أمر لأولياء اليتيم، فكأنه تعالى قال: وليخش من يخاف على ولده بعد موته أن يضيع مال اليتيم الضعيف الذي هو ذرية غيره إذا كان في حجره، والمقصود من الآية على هذا الوجه أن يبعثه سبحانه وتعالى على حفظ ماله، وأن يترك نفسه في حفظه والاحتياط في ذلك بمنزلة ما يحبه من غيره في ذريته لو خلفهم وخلف لهم مالا.
قال القاضي: وهذا أليق بما تقدم وتأخر من الآيات الواردة في باب الأيتام، فجعل تعالى آخر ما دعاهم إلى حفظ مال اليتيم أن ينبههم على حال أنفسهم وذريتهم إذا تصوروها، ولا شك أنه من أقوى الدواعي والبواعث في هذا المقصود.
المسألة الثالثة: قال صاحب الكشاف: قرئ ضعفاء، وضعافى، وضعافى: نحو سكارى وسكارى.
قال الواحدي: قرأ حمزة {ضعافا خَافُواْ عَلَيْهِمْ} بالامالة فيهما ثم قال: ووجه إمالة ضعاف أن ما كان على وزن فعال، وكان أوله حرفا مستعلياً مكسوراً نحو ضعاف، وغلاب، وخباب، يحسن فيه الامالة، وذلك لأنه تصعد بالحرف المستعلي ثم انحدر بالكسرة، فيستحب أن لا يتصعد بالتفخيم بعد الكسر حتى يوجد الصوت على طريقة واحدة، وأما الامالة في {خَافُواْ} فهي حسنة لأنها تطلب الكسرة التي في خفت، ثم قال: {فَلْيَتَّقُواّ الله وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً} وهو كالتقرير لما تقدم، فكأنه قال: فليتقوا الله في الأمر الذي تقدم ذكره والاحتياط فيه، وليقولوا قولا سديدا إذا أرادوا بعث غيرهم على فعل وعمل، والقول السديد هو العدل والصواب من القول.
قال صاحب الكشاف: القول السديد من الأوصياء أن لا يؤذوا اليتامى، ويكلموهم كما يكلمون أولادهم بالترحيب وإذا خاطبوهم قالوا يا بني، يا ولدي، والقول السديد من الجالسين إلى المريض أن يقولوا: إذا أردت الوصية لا تسرف في وصيتك ولا تجحف بأولادك، مثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد والقول السديد من الورثة حال قسمة الميراث للحاضرين الذين لا يرثون، أن يلطفوا القول لهم ويخصوهم بالاكرام.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8